Saturday, July 14, 2007

بيتزا ولا كفته

قبل ما نبدأ نحكي عن تحقيق لاظوغلي هاكتب شوية حاجات كدة استفدتها من تجربة التحقيق في مقار امن الدولة
خللي بالك 00 علشان اول حاجة بيعملها الظابط انه يستغل حالة الخوف والرعب اللي بتكون فيها ويبدا يكلمك بهدؤ وعطف وحنان علشان يكسر حالة التحفز والحشد النفسي اللي بتبقي فيها وانت داخل التحقيق

خللي بالك 00 اذا لقي ان الاسلوب ده منفعش بيلجأ للاسلوب التاني وهو تهديدك وتخويفك وبعدها بيتنقل لاهانتك وسبك وكل من يمت لك بصلة باقذع الشتائم والسباب

خللي بالك 00 هايسب ويشتم كل الرموز والنماذج والقدوات اللي انت بتحترمها وهايتطور الامر لسباب اله الكون واهانة كل ما هو مقدس وذو قيمة في حياتك

خللي بالك 00 هاينتهك كل قيمة او ضابط او عرف او مقدس علشان يوصلك رسالة انه مالوش كبير وانه وحش كاسر لا يعرف الرحمة وانك يجب ان تخضع له

خللي بالك 00 هو عارف ان صاحب الفكرة والمعتقل علي خلفية سياسية او دعوية يعتز بنفسه وكرامته لاقصي حد ولذا فستجد منه تفنن في اهانتك او جرح كرامتك

خللي بالك 00 انه هايلجأ للتعذيب النفسي اولا وايهامك بانك دخلت مكان لن تخرج منه ثم ينتقل بك الي مرحلة التعذيب البدني والنفسي في ان واحد

خللي بالك 00 هايقطع فترات التعذيب البدني والنفسي بمحاولات خبيثة من احد مساعديه بايهامك انه ناصح امين لك وانك لن تخسر شئ اذا طاوعته حتي تخرج من هذا الجحيم ولا تتعجب اذا وجدته نسخة متطابقة من سيده اذا رفضت الاذعان لوسوسته

خللي بالك 00 هو اول سوط كما قال اللص للامام ابو حنيفة وصدقني ما ستشعر به هو اول قلم واول صعقة كهرباء وبعدها لن تشعر باي الم

خللي بالك 00 عنترة قال للراجل حط صباعك في بقي وانا هاحط صباعي في بقك واللي يقول اي الاول يبقي خسر ولما الراجل قالها قال له عنترة لو لم تقلها لقلتها انا فما تكونش انت البادئ بقولة اي
خللي بالك 00 انها مش حرفنة او جدعنة هي تثبيت من عند ربك مش اكتر ولا اقل
بيتزا ولا كفتة

وضعنا رؤوسنا علي وسادتنا في زنزانة اتنين بعنبر تلاتة وتسللت الينا مخاوف التحقيق في مقار امن الدولة وان شئت فقل سلخانات امن الدولة ولكن غلبنا النوم وقمنا فجرا فصلينا وجلسنا نعد حقائبنا ونلملم اشيائنا وكنا نهرب من التفكير في ما ينتظرنا بالانشغال بما في ايدينا وكلما دخل احد الشواشية او الاخوان ليهنئنا بالخروج كنا نبتسم ونتجاوب معه الا اننا في داخلنا كنا نتمني الا نكون حصلنا علي هذا الخروج مخافة ما ينتظرنا في سلخاناتهم ولكن ربك الروؤف الحنان كان يبث الطمائنينة في قلوبنا وايضا كلمات بعض الاخوان كانت تحمل الهدوء والسكينة الي جوانب نفوسنا المضطربة الخائفة وهكذا مرت علينا ساعات الصباح حتي نادي صوت احد الشاويشية من خارج العنبر بالنداء الشهير " ترحيلة المروحين وصلت " وخرج كل من في العنبر لتوديعنا وكنا نبتسم للمهنئين ولكن قسمات وجوهنا كانت تفضح ما بداخلنا وخرجنا الي بوابة السجن وانهينا اجراءات الخروج واستلمنا احد ضباط الترحيلة ليكلبشنا وكنت انا واحمد عزت من اخوان شرق القاهرة وكلية الصيدلة في ترحيلة واحدة حيث اننا من محافظة القاهرة ولذا فيتم تسليمنا الي مقر امن الدولة بالقاهرة " لاظوغلي " اما سامر علي واشرف شاهين فتم ترحيلهم الي مقر امن الدولة بالجيزة " جابر " وعندما انهينا كل الاجراءات مال احد كبار الاخوان علي اذني وقد لاحظ التوتر الذي اعتراني وهمس لي " مجدي علقة تفوت ولا حد يموت " فوجدت نفسي ابتسم علي الرغم مني واحتضنته وهمست له " عندنا في السيدة بيقولوا اللي يحضر العفريت ليصرفه ليتحمل اذاه واحنا حضرنا عفريت امن الدولة ووقفنا قدام الظلمة فاما نصرفه او نتحمل اذاه " وخرجنا من باب السجن وصعدنا الي سيارة الترحيلات

بقايا بشر

في سيارة الترحيلات وجدنا بعض المعتقلين من جماعة الجهاد والجماعة الاسلامية وعرفنا منهم ان الترحيلة سوف تذهب اولا الي مستشفي القصر العيني لتسليمهم هناك حتي يقوموا ببعض الفحوصات الطبية او اجراء بعض العمليات الجراحية واستوينا في مكان بجانب احدهم واستمرت رحلة السيارة حوالي الاربعة ساعات من سجن طرة حتي القصر العيني وفي تلك الفترة سمعنا من هؤلاء الافراد حكايات تشعرك بانك تعيش في غابة او مخلوقات فقدت بشريتها فهذا له في السجون اكثر من عشر سنوات ومصاب بعدة امراض تسطيع ان تقضي علي عشرة رجال اصحاء واخر تم استئصال مثانته لاصابته بالسرطان ولا يريدون الافراج عنه علي الرغم من حصوله علي حكم بالبراءة من المحكمة التي حاكمته وثالث يحكي عن فلان الذي مات منذ اسبوع لرفض ادارة السجن خروجه للمستشفي وفلان المصاب بالسل والربو وكيف ان ازمة الربو جاءته في ليل الزنزانة الكئيب ولم تستجيب ادارة السجن لمطالبهم بخروجه ومات في نمرته ووجدت اقصي امال هؤلاء البشر اذا جاز لنا ان نطلق عليهم هذا الوصف ليس الخروج للحياة بل اقصي امانيهم هي الموت للتخلص مما هم فيه

لاظوغلي

بعدما نزل بقايا البشر من السيارة تحركت الي مبني لاظوغلي وكلما اقتربت السيارة من هدفها كلما زادت حالة التوتر والخوف بداخلنا حتي توقفت السيارة وفتح الباب وصعد الينا احد الذئاب البشرية " امين شرطة " ونظر الينا نظرة ذئبية وامرنا بتعصيب اعيننا والاستعداد للنزول وبالفعل عصبنا اعيننا ثم اقتادنا الي وكره ولم تمضي سوي دقائق الا وكنا داخل حجز لاظوغلي ولحظتها فككنا الغمامة التي علي اعيننا لنكتشف المكان الذي كنا فيه فوجدنا حجرة تبلغ مساحتها العشرة امتار ويوجد بها ايضا بقايا بشر لهم سنين متنقلين بين هذا المبني الكئيب وبين سجون مصر ولم نتكلم او نسلم علي احد فقط وضعنا حاجياتنا وجلسنا في صمت ثم قطع هذا الصمت صوت حاد " فين مجدي سعد " من ارتباكي لم ارد او اجاوبه فكرر النداء بصوت اعلي واشد خشونة " فين مجدي سعد " فاستجمعت قواي ورددت " ايوة " فجاوبني " البس الغماية وقرب من الباب "0 وقتها نظرت انا واحمد الي بعضنا البعض وقمت من مكاني فقام احمد وكان يريد ان يفعل اي شئ لي ولكنه لا يملك شئ علاوة علي انه سينادي اسمه خلال لحظات فكيف لذبيح ان يقدم العون لذبيح

انا مرعوب

وضعت العصابة علي عيني واقتربت من الباب واحمد يقف بجانبي ويمسك احدي يدي ويضغط عليها ليشد من ازري ثم فتح الباب وسمعت صوته وهو يقول " قرب " فاقتربت فوضع يده علي كتفي واقتادني الي خارج الحجرة واغلق الباب ثم جعلني امامه ووضع يده علي كتفي ليوجهني اثناء المشي

في تلك الاثناء لا اجد كلمة تصف حالتي الا انني كنت " مرعوب" حقيقة كان يتملكني الرعب والخوف من لحظة سمعنا عنها الكثير من حكايات من قبلنا او زملاءنا او ما ترسب في اذهاننا من افعال الظالمين والانظمة الديكتاتورية "ارفع رجلك علشان قدامك سلم " نفذت ما قاله ثم عدت الي عالم الخوف والرعب الذي اعيش فيه وكانت ضربات قلبي تتصاعد وريقي يجف وتبادر الي ذهني خاطر ان هذا المحقق لن يتركني الا اذا بحت بما لدي واخطر شئ هو ان تتسبب في كشف معلومة او اعلان احد الاسماء التي لا يعرفها هؤلاء الذئاب مما يؤدي الي ايذاء تلك الاسماء او ايقاف احد الاعمال " خش يمين " وقلت في نفسي وقوع البلاء ولا انتظاره هكذا قالوا اذا فلاعجل بوقوع البلاء حتي لا انتظره مما يؤدي الي تحطم اعصابي وانهيار مقاومتي ولاواجه مخاوفي ولافعل كما كنا نفعل في السيدة زينب قبل التزامي مع الاخوان فقد كنا عندما نتشاجر يقوم احدنا باشعال المشاجرة اذا راي من الطرفين المتشاجرين احجام وكان المثل الشهير الذي نستخدمه " قطمه ولا نحته " فكان يقوم احدنا ومعركة التلاسن والتهديد والوعيد دائرة بالتقدم من الطرف المضاد لنا وصفع اكبرهم علي وجهه وهنا اما ان ينهار الطرف الاخر او تشتعل المشاجرة ولا يستطيع خوف او جبن او احجام ان يوقف الاشتباك وهذا ما قررته وانا اتقدم الخطوات الاخيرة من مكتب الضابط وشعرت بدخولي اليه عندما احسست بهواء الغرفة المكيف ولامست قدمي سجادة فرشت الارض بها وكان الصمت يلف المكان

ما زلت مرعوب

اوقفني من كان يقودني ومرت بعض الدقائق والصمت هو المسيطر علي جو الحجرة ولكن بداخلي تتفجر المخاوف وتنطلق حمم الرعب تحاول ان تجتاح حصوني وضربات قلبي تتصاعد وطلبي بالتثبيت من ربي يتصاعد ثم قطع هذا الصمت صوت اجش قائلا

هو- زيك يا مجدي
انا- الحمدالله
هو- انت عارف انا مين
انا - لا ما اعرفش
هو- انت اكيد سمعت عني
انا- لا معرفش ساعتك
هو - اعرفك يا حبيبي انا اللي عملت القضية العسكرية وانا اللي بكلمة مني بيتفتح باب السجن علشان تتحبس وبكلمة مني بيتفتح علشان تخرج عرفت بقي انا مين
انا - عرفت
ثم لان صوته واعتراه مسحة من النصح والارشاد قائلا
هو - بص يا مجدي انا عارف ان الاخوان ضحكوا عليك واوهموك انك بانضمامك ليهم بتخدم البلد بس اللي لازم تعرفه انهم بيخربوا البلد وبيهدموها وعارف برضه انهم قالولك انك هاتتعذب وهاتتبهدل في امن الدولة وانا هاثبتلك العكس اتفضل اقعد علي الكرسي " قعده " توجيه لمن بجانبي ليجلسني لاني معصوب العينين ثم استرسل في كلامه وقد زادت لهجة الاللين والتباسط في صوته قائلا



يا مجدي حبسك ده كان في مصلحتك والدليل علي كدة ان ابوك ساعات بيضربك لما تغلط ليه علشان هو بيحبك واحنا كمان علشان بنحبك حبسناك وعلشان نديك فرصة تتخلص من الاوساخ اللي الاخوان حطوها في دماغك ثم
قطع حديثه قائلا
تحب تشرب ايه شاي ولا لمون

انا - شكرا مش عاوز حاجة
هو - ماشي هاه بقي انتوا كنتوا بتعملوه ايه في اسكندرية يا بطل
انا - كنت في قمة احساسي بالرعب الا انني حسمت امري وجاوبته " احنا كنا بنتفسح وبنزور قلعة قايتباي
" وساد الصمت المكان

هو - تغيرت لهجته بعض الشئ وقال " ليه كدة يا مجدي احنا مش لسة متفقين انك هاتخدم البلد وهاتقول الحقيقة

انا - انا بقول الحقيقة حتي التذاكر اللي دخلنا بيها القلعة لسة معاية في شنطتي

" اكتشفت بعدها ان امثلة العرب ليست دائما صحيحة فانتظار البلاء احيانا افضل من وقوعه "

تحول الرجل الي شئ اخر كان شيطان مسه او تلبسه فقد اخشن صوته وعلي وتغيرت مفرداته ثم امر من كان يقودني بايقافي وترك الكرسي ثم وجه الحديث لي قائلا

بص يا ابن ...........انا مش خوجة ولا تلميذ انا ظابط امن دولة وانتوا كنتوا معسكر اعداد كوادر طلاب اخوان وهاعرف منك كل التفاصيل اللي انا عاوزها ماشي يا ابن .................اتكلم

انا - اللي عندي قلته في النيابة

هو - النيابة شئ وهنا شئ يا ابن
...................................................................
.................................................................................
..................................................................

ما سبق هي شتائم وسباب في غاية القذارة وعلي الرغم من كوني من السيدة زينب وسمعت وعايشت عالم السباب والشتائم الا ان هذا الرجل اسمعني من الشتائم والسباب ما تخجل امامه شتائم وسباب منحرفي السيدة زينب

انا - هو ساعتك بتشتمني ليه هو انا مش زي اخوك الصغير

" كنت اقول تلك الكلمات وانا في غاية الرعب الا انني استمررت في عزمت علي فعله وهو التعجيل بوقوع البلاء "
هو - اخويا الصغير ثم نادي علي حوالي ثلاث اشخاص امرا اياهم بان " خدوا الجثة دي علي المخصرة علشان نعرفه الادب "وفي لحظات كنت خارج مكتبه ومحاط باربعة اشخاص وقاموا بكلبشتي خلفي ثم اعادة تعصيب عيني بشكل محكم ثم جردوني من ملابس الا ما يستر عورتي ثم اقتادوني الي ما يسمي بالمخصرة وكنت طوال هذه الفترة انا مرعوب

المخصرة
فتح الباب بعنف ثم دفعني احدهم الي الداخل لاجد يد تمسك بي بغلظة وتسال من دفعني " تبع مين الجثة دي " فجاوبه الذي يقف خلفي " ده من الاخوان

فسالني انت اسمك ايه فجاوبته " مجدي سعد " فاحسست بلطمة شديدة علي وجهي ولكنها ليست بيده بل كانت بفردة حذاء " شبشب " ثم علي صوته قائلا " انت هنا اسمك الجثة " لانك ميت

ثم اتبعها بلطمة اخري ثم تحرك من امامي وشاهدت جسد عاري ممدد علي الارض من خلال فرجة في العصابة كانت بين انفي ووجهي لا تسمح لي الا بمشاهدة ما علي الارض وبزاوية شبه قائمة وكان هذا الجسد هو احد اخوان حلوان وكان يزاملني في العنبر وكان قد غادر السجن منذ اربعة ايام لحصوله علي اخلاء سبيل ثم علي صوت الذئب مرة اخري امرا من معه " ارفعلي الجثة اللي علي الارض ونيملي الجثة اللي لسة داخلة "

وبدا التحقيق

بعد القائي علي الارض قام احدهم بوضع كرسي فوقي وتثبيت ارجله بين ذراعي وارجلي بحيث لا استطيع الحركة او المقاومة وقام اخر باطلاق شرارت كهربية بجانب اذني ثم اطلقها مرة اخي في الارض العارية التي ارقد عليها مما جعلني انتفض ثم سمعت صوت الذي كان يحقق معي في المكتب سائلا اياي عن اسمي فجاوبته بالصمت فلطمني علي صدري وكرر السؤال فجاوبته بالصمت فصعقني بالكهرباء في اذني فجاوبته بالصمت ثم انهالت صعقات الكهرباء علي مختلف انحاء جسدي وكان يكهربني بعصا كهربية تسمح له بالتحكم في قوة الفولت وتسمح له ايضا بعدم التركيز علي منطقة واحدة مما يترك اثار يسهل كشفها عن طريق الطب الشرعي وهذا الصعق مصحوب بسباب وشتائم وضربات بيده او يد مساعده او بفردة الحذاء " الشبشب " التي كانت بيد احدهم وكان يتفنن في الصعق فقد كان يصعقني في شحمتي اذني الشفاة وحلمتي الصدر وباطن الفخذ واصبع قدمي الصغير واسفل البطن وكنت اثناء تلك الاحداث اجاوبه بالصمت او كلمة " ما اعرفش" واستمر هذا الامر لمدة زمنية لا اعرفها ثم علي صوت احدهم "تليفون يا احمد بيه " فتركني الرجل وذهب

ناصح امين
اقترب مني صاحب النداء الاخير وجلس علي الكرسي الذي كان يجلس عليه الجلاد الذي ذهب وهمس لي قائلا

عجبك اللي انت فيه وكرامتك اللي راحت وكل ده ليه علشان شوية عالم بتستغلك وهما فين دلوقتي مش قاعدين في بيوتهم ووسط عيالهم وسايبينك هنا تتبهدل بالشكل ده وبعدين ده انت لسة في الاول ده اللي بيحقق معاك ده علي استعداد يعمل اي حاجة علشان ياخد اللي عاوزه منك وانت صعبان عليا وعلي فكرة لو انت قلتله اي اسمين هايسيبك بس لازم تقولوه حاجة

انت مش بترد عليا ليه

انا - عاوز اشرب مية " وكان العطش بلغ مني مبلغه "

الناصح الامين - ماشي هاتلوه يشرب وانت بقي بعد ما تشرب تقولوه كلمتين علشان نخلص اللي بيحصل ده

انا - اللي عندي قلته في النيابة

الناصح الامين- " برضه " طيب افتح بقك علشان تشرب

فقمت بفتح فمي فوجدته يضع العصا الكهربية داخل فمي ويطلق صعقاتها بشكل هيستيري والاخر يلطمني بفردة الحذاء " الشبشب " علي مختلف انحاء جسدي

ثم علي صوت المحقق وكان موجود بداخل الغرفة طوال الفترة السابقة قائلا انا قلتلك من الاول يا باشا ده اخوان ابن ..........مينفعش معاه الرحمة او الذوق ثم عاد الي مرة اخري بعصاه الكهربية وسبابه وشتائمه

بيتزا ولا كفتة

بعد فترة زمنية اخري من الصعق والاهانة سمعت صوت باب المخصرة يفتح ثم صوت الفاتح يعلوا سائلا الباشا " فاضلك كتير يا باشا علشان بعتنا نجيب غدا

فرد الباشا - هاتللي غدا وسيبهولي في المكتب وهاكل لما اخلص من الجثة دي

الاخر - طب في ناس هاتجيب بيتزا وناس هاتجيب كفتة تحب تاكل ايه

الباشا - مش عارف بس استني اسال الجثة ثم وجه سؤاله الي " رايك ايه اجيب بيتزا ولا كفتة " واتبعها بصعقة كهرباء

انا - معرفش

الباشا - لا تعرف وهاتتكلم

انا - معرفش ومش هاتكلم

الباشا - هاتختار يعني هاتختار " ثم اتبع كلماته بموجات من الصعق الكهربي واللطم والسباب وكل هذا مقترنا بالسؤال الاول بيتزا ولا كفتة وانا اردد بشكل لا واعي " معرفش . معرفش" ثم جاء صوت الرجل الاول قائلا سيبك منه يا باشا ده هايضيع وقتنا وانا هاجيبلك حاجة علي ذوقي ثم اغلق الباب

ازداد غضب الرجل وامر مساعديه بتجريدي من ملابسي تماما لتاديبي علي عدم اختيار ما سوف ياكله وبعدها بلحظات كان يصعقني في كل انحاء جسمي بدون مراعاة لاي قيم او اخلاق او اعراف او انسانيات واستمر هذا الوضع لفترة زمنية لا استطيع ايضا تحديدها وعندما لم يجد مني استجابة هددني بانتهاكي جنسيا فلم ارد عليه وجاوبته بالصمت فوجدته يامر من معه بانتهاكي جنسيا وهذا الامر كنت اعده خط احمر اذا وصل اليه فسالقي اليه بما حضرته مسبقا من سيناريو يكفيني شره ولا يؤدي الي ايذاء احد او ايقاف عمل

وكنت بطبيعة دوري داخل الجامعة كان معروف توجهي وانتمائي ودوري في طلاب الاخوان حيث كنت اتعامل مع ادارة الجامعة وقيادة حرس الجامعة كممثل لطلاب الاخوان فاخذت قراري بالبدء في التحدث ودار بيني وبينه هذا الحوار

انا - اسمي مجدي سعد ومن الاخوان

هو - ما انا عارف

انا - طيب ليه كل ده

هو - علشان ردك ورفضك انك تتكلم في الاول

انا - طيب وبعدين

هو - فكوا كلبشته وادولوه هدوموه وهاتوه المكتب


ثم انتقلنا الي مكتبه وهناك وجدته يحضر ملف متضخم يحوي عشرات التقارير والاوراق التي ترصد حركتي داخل الجامعة ومقابلاتي مع نائب رئيس الجامعة او قادة حرس الجامعة وتقارير تفصيلية عن احداث داخل السور الجامعي كالمظاهرات والاحداث العامة والانتخابات ودوري فيها انا وبعض زملائي من الاخوان واستمر التحقيق في تلك الوقائع لفترة لا استطيع تحديدها ولم يحصل مني علي جديد سواء معلومة او اسماء وذلك لان التقارير التي تحت يده بها اكثر مما لدي من معلومات وبعدها امر احدهم باصطحابي الي الحجز مرة اخري

ريحة شياط


نزلت الي الحجز فوجدت احمد يستقبلني بمنتهي اللهفة فسالته كم الساعة فجاوبني بانها الثامنة مساءا اي انني مكثت في التحقيق سبع ساعات متواصلة وعرفت انه لم يصعد ليحقق معه فلم اخبره باي شئ مما جري معي الا انه وهو يجهز لي ما اكله اخبرني بانه يشم رائحة شياط فانكرت معرفتي بمصدرها فنظر لي احد المحجوزين ومن الواضح انه ذو خبرة وطلب مني ان اغسل راسي علي حوض المياه وقمت لاغسل راسي وبمجرد ان وضعت راسي تحت المياه وجدت كميات كثيرة جدا من الشعر تنساب مع المياه ولونها غريب ففهمت انه من جراء صعقي في راسي شاط شعري وهذا سبب رائحة الشياط التي صاحبتني ثم عدت الي مكاني وتناولت ما جهزه احمد لي ثم جلسنا سويا يحاول ان يعرف ما حدث وانا اخبره انه لم يحقق معي وانهم تركوني تلك الفترة واقفا في طرقات المبني وفي الساعة الواحدة صباحا نادي علي احدهم مرة اخري وفي تلك المرة صعدت ولكنني كنت خائف فقط ولست مرعوب وتم تعصيبي وادخالي الي مكتبه مرة اخري ووجدته قد عاد الي حالة الناصح الامين وانهم حريصين علي مستقبلي ويعلمون انني في منتصف امتحاناتي وعليه فقد قرروا الافراج عني حتي الحق بامتحاني الذي بعد اربعة وعشرين ساعة من الان وانهم يرجوا ان تكون التجربة قد اعادتني الي صوابي ثم صرفني وامر من معي باحضار حاجياتي من الحجز واخراجي من المبني وبعدها بعشر دقائق كنت في ميدان لاظوغلي احمل حقيبتي في يدي واحمل قلقي علي احمد في قلبي واشير الي احد سيارات الاجرة لتقلني الي منزلي

كلها سواد الليل ونروح

اسكندرية من سبع سنين

اثناء قرائتي لخبر القبض علي مخيم لطلاب الاخوان بالاسكندرية تذكرت علي الفور لحظات واحداث القبض علي منذ سبع سنوات بمخيم بمدينة الاسكندرية وسادون عن هذه الاحداث في تدوينتين الاولي تستعرض احداث القبض علينا وتحقيقات النيابة ثم مدة الحبس التي بلغت ستة اشهر تقريبا او اقل قليلا وهي تحمل عنوان " كلها سواد الليل " والاخري تستعرض تفاصيل التحقيق الذي تم معي في لاظوغلي بعد خروجي من السجن وهي تحمل عنوان " بيتزا ولا كفتة " والان مع التدوينة الاولي " كلها سواد الليل "

كلها سواد الليل ونروح

كنا تسعة عشر طالب تتراوح اعمارنا بين التاسعة عشر والثالثة والعشرون ومن مختلف كليات الجامعة اظن من اكثر من اربعة عشر كلية وكنا متواجدين بمخيم بمدينة فيصل السكنية بميامي بالاسكندرية وكان المخيم جزء منه ترفيهي حيث الجولات الحرة والانشطة المشتركة وذلك من اجل دعم الاواصر بين طلاب الاخوان بالكليات المختلفة وكان جزء منه تربوي حيث كانت هناك مجموعة من الاوراد الايمانية كالذكر وصلاة القيام والمدارسات التي تتناول اجزاء من سيرة الرسول صلي الله عليه وسلم واستمر المخيم لمدة ثلاثة ايام متوالية وفي اليوم الاخير مساءا سال البعض عن موعد انتهاء المخيم فعرفنا انه صباح الجمعة الساعة الثامنة صباحا فاقترح البعض ان ننهي المخيم او نسمح للذين يريدون الانصراف ان ينصرفو مساء الخميس وبعد مداولات ومشاورات قال اشرف " يا اخوانا مش كويس ان الناس تسافر باليل وكمان هايخشوا علي اهاليهم الساعة تلاتة ولا اربعة الفجر الافضل ان الكل يبات ونمشي الصبح وبعدين ده كلها سواد الليل "
واعتمدنا ما قاله اشرف ودخل اهل المخيم للنوم وكانت هذه هي اخر لحطات الحرية

الساعة اتنين ونص بالليل

ذهبت للنوم وانا في غاية الارهاق حيث لم اكن نمت خلال اليومين السابقين سوي اربع ساعات فقط وكنا مساء الخميس في جولة حرة استمرت لاربعة ساعات من المشي علي كورنيش اسكندرية وبمجرد وضعي لراسي علي الوسادة لم اشعر باي شئ وكان هذا في تمام الساعة الواحدة صباحا
قووووووووووووم
اصحي يا ابن ............
تسللت تلك الكلمات الي اذني اولا ثم فتحت عيني لاجد رجل يقف فوق السرير الذي انام عليه ويمسك في يده رشاش الي ويضعه في رقبتي واخر يقف بجانب السرير ويمسك سلاح مماثل لزميله وفي اليد الاخري اجنة حديد يضعها في جنبي ويوكزني بها وبمجرد ان فتحت عيناي وجدتهم يجزبون من ملابسي وينزلوني عنوة من علي السرير ويجرون بي احدهم امامي والاخر خلفي الي صالة الشقة التي كنا بها وكنت اظن انني احلم او امر بكابوس مريع ولا استطيع ان استوعب ما يحدث حتي وصلنا للصالة فوجدت زملائي كلهم في وضع اسري الحرب حيث جاثين علي ركبهم ووجههم موجهة للحائط وايديهم مرفوعة ومتشابكة فوق روؤسهم وبجرد ان وصلنا استلمني اخرين وقاما بتفتيشي سريعا ثم امروني ان اجلس نفس الجلسة التي عليها زملائي وفي تلك اللحظات استوعبت اننا قبض علينا وان هؤلاء هم قوات فزع الدولة وان ما ظللت انتظره طوال اربع سنوات بالجامعة حدث اخيرا ولكن في السنة الاخيرة وخارج نطاق الجامعة
في اللحظات التالية وجدنا ما يقرب من عشر ضباط من الرتب العالية يدخلون الي المكان وهم يجرون العديد من الاتصالات التي تحمل كلمات تطمين الي الطرف الاخر بان العملية تمت بنجاح وان الموجودين هم من الطلاب ومن جامعة القاهرة
وبعدها تم تقسيمنا الي مجموعات كل مجموعة حوالي اربع او خمسة افراد وقاموا بتغمية اعيننا وانزالنا الي سيارات الترحيلات التي كانت معهم بالاسفل وتوجهنا الي " الفراعنة " وهو مبني امن الدولة بالاسكندرية

الفراعنة

وصلنا الي هناك وتم انزالنا ومررنا بمراحل مختلفة بدءا من التصوير امامي وجانبي ثم سرد كافة البيانات الخاصة بكل فرد ثم استلام البعض لنا واعادة تغميتنا ليقودونا بعدها الي الدوي الثاني من المبني حيث تم احتجازنا لثاني يوم الظهر اي حوالي 30 ساعة بقينا خلالها معصوبي الاعين وجالسين علي ارضية عارية من الفرش حيث تم احتجازنا في كافيتريا المبني لانهم كانوا لا يريدون من الاختلاط بمن هم في الحجز وايضا لعدم حدوث اي اتصال بيننا وطوال هذه الفترة كنا ممنوعين من الكلام او الحركة ومن يتكلم باي كلمة ينال نصيبه الفوري من الضرب والاهانة ولم يسمحوا لنا بالصلاة واضطررنا ان نصلي باعيننا طوال تلك الفترة وايضا حرمنا من الدخول للحمام سوي مرة واحدة وطلب منا ان ندخل الجمام وبابه مفتوح والا فلا استخدام وتم مصادرة كل ملابسنا او البطاطين التي كانت مع بعض زملائنا حيث اننا كنا في شهر يناير وطوال فترة الاحتجاز كنا نرتدي ملابس النوم التي قبض علينا بها وعندما جاء الليل كان البرد قارس وزجاج الكافتريا مكسور مما زاد من احساسنا بالبرد الشديد واذكر ان من كان بجانبي ولا اعرفه حتي الان لاننا كنا معصوبي الاعين اصيب بحالة من الارتعاش والانتفاض الشديد وكانت اسنانه تصطدم ببعضها البعض ولم نجد سبيل امامنا سوي ان وضعت رجلي عليه وهكذا فعل من كان بجانبه في الناحية الاخري حتي نثبته في مكانه لانه كان انتفاضه اقرب الي المصاب بالصرع وهذا من جراء البرد القارص والخوف الشديد
وهكذا قضينا ليلتنا الاولي والثانية ثم تم ترحيلنا ظهر السبت الي القاهرة وكنا مجموعات وكل مجموع في سيارة ترحيلات ووصلنا القاهرة الساعة الرابعة عصرا

نيابة امن الدولة العليا

في النيابة دخلنا سلسلة من التحقيقات والمواجهات استمرت لفجر الاحد وكنت يحقق معي امام احد رؤساء النيابة ويدعي رافت عباس وكان يحمل من السماجة والتكبر ما يقدر بالاطنان وكانت ردودي كلها تنحصر في محصلش - معرفش وهكذا حتي انتهت التجقيقات ثم صعدنا مرة اخري الي سيارات الترحيلات للذهاب الي السجن لقضاء مدة الحبس الاحتياطي ووصلنا السجن قبل الفجر بلحظات وانهوا اجراءات استلامنا في دقائق ودخلت لاول مرة الي عنبر تلاتة بسجن طرة وكنا كالمسحورين من تسارع الاحداث حولنا وكان يختلط هزلنا بعصبيتنا بحزننا بفرحنا طوال تلك الساعات العصيبة
اثناء دخولنا لعنبر تلاتة نادي علينا صوت الدكتور محمد علي بشر متسائلا عن جامعتنا واحوالنا وصحتنا ومطمنا ايانا بانهم سوف يحملونا في اعينهم وقد كان منهم بالفعل هذا الوعد وكان الدكتور بشر في القضية العسكرية الخاصة بالنقابيين وكانوا يقطنون زنزانة تلاتة بعنبر تلاتة ونزلنا بجوارهم بزنزانة اتنين

سواد ليل السجن

لكم ان تتخيلوا فتيان وشباب اكبرهم يبلغ الثالثة والعشرون يتعرضوا لتلك الاحداث كيف سيكون رد فعلهم اتذكر اننا بمجرد دخولنا الزنزانة صلينا الفجر ثم ارتمينا علي الارض من التعب والارهاق ودخلنا في ثبات عميق لم نستيقظ منه الا علي صوت الشاويشية بالاستيقاظ حتي نتسلم ملابس السجن البيضاء ونسلم ملابسنا الملونة

قضينا الفترة الاولي من الحبس بروح معنوية عالية وكيف لا ونحن نري قيادتنا امثال الدكتور محمد بديع والدكتور مجمد علي بشر والاستاذ مختار نوح والدكتور سعد زغلول عشماوي والمهندس مدحت الحداد والدكتور عبدالله زين العابدين ولكن بعد ما يقرب من اسبوعين جاءت اوامر ظابط امن الدولة المتابع للسجن بعزلنا عن باقي الاخوان لتبدا الفترة العصيبة من الحبس حيث كنا لا يفتح لنا ابواب الزنزانة سوي ساعة فقط يوميا وبشرط ان يقفل علي باقي الزنازين طوال فترة تريضنا وفي بعض الاحيان ظللنا لاكثر من شهر لا يفتح لنا باب الزنزانة الا للخروج للزيارة او الحصول علي الطعام

بعد فترة جاء الينا بعض طلاب الاخوان من جامعة بني سويف ثم جامعة المنوفية ولقبت زنزانتنا بزنزانة الطلبة وبعد شهر ونصف خرج ثلاثة منا ثم بعدها بشهر خرجت مجموعة اخري ثم تجمد الوضع واستمر الباقي حتي اربعة اشهرثم خرج الجميع سوي خمسة افراد وكنت منهم وكانت الامتحانات قد بدات وتم رفض دخول طلاب الكليات العملية لتلك الامتحانات لرفض ادارة السجن ذهابهم الي الاكتحانات العملية وحضور المعامل وتم السماح لطلاب الكليات النظرية باداء الامتحانات بداخل السجن وعليه فقد امتحنت مادتين في سجن الاستقبال

عشماوي

ومحمد عشماوي هذا هو ظابط امن الدولة المكلف بمتابعة سجن طرة وهذا الرجل كان يتمتع بالكثير من نواقص الاخلاق والرجولة وكنا كثيرا ما نشعر انه مصاب بمرض نفسي يدفعه لايذاء الاخرين والتضييق عليهم فكان كلما رغب في ايذاء قيادات الاخوان المحبوسة في قضية النقابيين يقوم بمعاقبة زنزانة الطلبة فيقوم بغلق الزنازين علينا بالاسابيع او حرمانا من دخول الكتب الخاصة بالدراسة وكان ياخذها من المحامين ويحتفظ بها في مكتبه بحجو مراجعتها او تقليص مدة الزيارة حتي تصل الي نصف ساعة فقط او مصادرة ادوات المعيشة الخاصة بنا من زنزانتنا بحجة مخالفتها لقوانين السجون وهكذا امصينا فترة الحبس الاحتياطي

امتحان

قمت باداء امتحانين داخل السجن وهذين الامتحانين وهذا الترم كان غريبا جدا حيث كنت عزمت ان اعتذر عن دخول امتحانات هذا الترم حيث اننا قضينا فترة دراسة الفصل الثاني باكملها بالسجن بالاضافة الي عدم دخول الكتب والمذكرات الا قبل الامتحانات باسبوع فقط الا ان بعض الاخوة الافاضل اقترحوا علي دخول التجربة وقبلت وبالفعل ذاكرت قبل الامتحانات باسبوع المادتين الاوليتين وكنت ببكالوريوس ادارة الاعمال بكلية التجارة ودخلت المادة الاولي وجاوبت فيها بشكل مرضي مما شجعني ان اذاكر وبقوة المادة الثانية وادخلها وايضا جاوبت فيها بشكل مرضي واكملت باقي الامتحانات بالخارج وحصلت علي تقدير جيد في هذا الفصل الدراسي وكان امر مثير للدهشة لي وللمحيطين

الامتحان داخل السجن شئ غريب وغير معتاد حيث تاتي لك الترحيلة صباحا لتاخذك من السجن التي انت مقيم به لتتحرك وتكرر ما فعلته معك مع الاخرين الذين سيمتحنون في باقي السجون ثم نمزل كل مجموع في سجن معين لاداء الامتحانات فكانت كليات تجارة ودار العلوم واداب في سجن الاستقبال وكليات الحقوق والاعلام والاقتصاد في سجن العقرب وخلال تلك التجربة عرفت اشياء وقابلت اناس غريبين جدا

فلقد قابلت في الترحيلة الاولي احد افراد الجماعة الاسلامية وكان مقيم بسجن العقرب وسوف يمتحن مثلي في ادارة الاعمال ولكنه لا يملك اي كتاب او مذكرة وعندما سالته لماذا خرجت للامتحان قال لي ان هذه هي الفرصة الوحيدة حتي يري اهله الذين ينتظرونه امام سجن الاستقبال ليلقوا عليه نظرة من بعيد وذلك لان النظام المصري كا اغلق كل السجون امام الزيارة لمدة تزيد عن ست سنوان متتالية فكان الرجل يطلب الخروج للامتحان فقط للحصول عيل تلك النظرة التي من علي بعد عشرات الامتار

عندما صعدت الي سيارة الترحيلات وجدت مجموعة من افراد الجماعة الاسلامية والجهاد وكلهم شباب في العشرينات يبدوا علي ملامح وجوههم المعاناة ويرتدون ملابس مرقعة وشعورهم مشعثة كانهم جاؤرا من عصور ما قبل التاريخ وفور ما صعدت سالني احدهم بلهفة انت اخوان فجاوبته بنعم فوجدتهم ينهالون علي بالاسئلة عن الاوضاع الداخلية والعالمية وصدمني سؤال احدهم " هو اخبار الجهاد في البوسنة ايه " وكانت حرب البوسنة قد انتهت منذ اربع سنوات ولكن لان الرجل منع عنه الزيارة واي اتصال بالعالم الخارجي فقد توقف الزمن عنده عند عام 1995ودمعت عيناي مما شاهدته في سيارة الترحيلات

عندما دخلت سجن الاستقبال وهو من السجون التي كانت مغلقة وشديدة الحراسة استقبلنا احد الشاويشية وهو يحمل شومة في يده وكانت اول كلمة هي " اخلع هدومك " وهذا هو اول اجراء ياخذونه عند استقبال سجين جديد وحاولت ان اقنعه باني اتيت لاداء امتحان وانني ساذهب الي سجني بطرة مرة اخري الا انه كان مصر علي ان اخلع فطلب مني من كان يرافقني من ادارة سجن طرة بان " اخلع اي حاجة حتي ولو الشراب " فاستسلمت لطلبه وخلعت الشراب واعطيته للشاويش فتركني ادخلي الي لجنة الامتحانات

في لجنة الامتحانات وجدت الاستاذ علي رضا وهذا الرجل من قيادات الجماعة الاسلامية وهو يقضي حكم بالمؤبد منذ عام 1981 حيث انه من المخططين لقتل السادات ومن المنفذين لعملية الاستيلاء علي مديرية امن اسيوط وكان الرجل يؤدي امتحانات كلية دار العلوم وتجاذبنا اطراف الحديث بعد اداءنا للامتحان خاصة بعد معرفته باني من الاخوان واخذ يثني علي الاخوان وكيف ان الاستاذ عمر التلمساني قابلهم وهم طلاب وحذرهم من عواقب العمل المسلح وانه خسارة لكل الاطراف الا انهم اساؤو اليه والي الاخوان وانهم علموا الان بعد التجربة ان الاخوان كانوا علي حق عندما نبذوا العنف واتجهوا للعمل الدعوي المدني

بعد ادائي للامتحان الثاني عرضت علي النيابة التي اعطتنا اخلاء سبيل وعدنا الي السجن نحمل البشري للاخوان وتملائ جنبات انفسنا السعادة ولكن في اليل وعندما وضعنا رؤوسنا علي وسادتنا تسلل الخوف من تحقيقات جهاز الامن الدولة الي قلوبنا وخاصة بعد سماعنا لما حدث للاخرين عند خروجهم ونمنا في انتظار انتهاء سواد الليل الذي بدا قبلها بخمسة اشهر عندما قال اشرف " يا اخوانا ده كلها سواد الليل ونروح "

انتظروا " بيتزا ولا كفتة " ماحدث لي في لاظوغلي قريبا جدا